الخُضُرالاوائل
في
العام 1961 نشر
واكر و سيلانس،
اللذان كانا
يعملان معاً
في إعداد
دراسة لغويّة في
الغابون،
قائمة بأسماء
انواع نباتات
تتكوّن من
ثمانية آلاف
مصطلح تتوزع
بين لغات أو
لهجات 12 أو 13
قبيلة
متجاورة.
في
كتابه " العقل
البدائي"
أظهر كلود
ليفي- شتراوس كيف
أن علماء
الانثروبولوجيا
(علم الانسان)
قد اندهشوا
لعمق معرفة
القبائل
والعشائر في
الغابون للأنواع
المختلفة من
النبات
والحيوان
الموجودة في
بيئاتهم. ونقل
عن سميث براون
في حديثه عن
لقائه المثير
مع أحد أهل
المعرفة النباتيّة
في قبيلة
افريقيّة
قوله" وجدت
نفسي في موقع
حيث كل نبات
بري، أو نبات
يتعهده بشر بالرعاية،
له إسم ووظيفة،
وحيث كل رجل
وامرأة وطفل
يعرفون
حرفيّاً مئات
النباتات".
تعتبر
المعرفة
الشاملة
بالطبيعة
أمراً مساعداً
في الاستخدام
المستدام
لمواردها. وقد
كانت قبائل
البشر
الاقدمين في
فجر التاريخ
حريصة على
صيانة
الموارد
الطبيعيّة.
وبينما نؤسس نحن
الآن ممارستنا
الخضراء على
العلم فإنهم
أسسوا
ممارستهم على
نظام التابو. وبينما
يتأسس علمنا
على مفهوم
السببيّة
الكليّة
والتمييز بين
الذاتي
والموضوعي
والتسليم بأن
الزمان
والمكان
مطلقان
ومستمران
ومتجانسان
فإن الاقدمين
لم يكونوا
يميّزون بين
الذاتي
والموضوعي، وكانوا
يرون أن
السببية
تخضع
للإرادة،
كما يرون أن
مفاهيم
الزمان
والمكان نوعيّة
ومحدّدة
وليست كميّة
ومجرّدة.
يعتقد
شعب ياو في
ملاوي أن
الإله كان
يعيش، في
الاصل، على
الارض بين
البشرإلى أن
تعلًّّم
البشر
استخراج النار
بطريقة فرك
الاخشاب
ببعضها، ثم
أشعلوا
النيران في
الاراضي
العشبيّة فانسحب
الاله الى
السماء. ويرى
شعب بانبوتي
في افريقيا
الوسطى أنه
حين ترك الإله
البشر وحدهم
أتاهم الموت ففقدوا
سعادتهم. وهنا
يكون الاله
والموت والسعادة
حقائق محدّدة
بينما يكون
حرق الاراضي
ذات الاعشاب
جريمة فادحة.
لقد ذهب الإله
وأتى الموت
وفقد الناس
سعادتهم.
يتكوّن
نظام التابو
من أوامر
ونواهي.
والتابو
يمثّل
التجربة
الجمعيّة للقبيلة
في تعاملها مع
محيطها
الطبيعي. وهو
قانون أخلاقي
أخضر
بالاضافة
إلى أنه قانون
جنائي.
يعتبر
شعب هيرورو
(في ناميبيا)
قطيع الابقار
مقدّساً، فهم
لا يأكلون
لحم
الابقار
إلاّ في حالة
ذبحها
كقرابين.
ويعتقد شعب
الدينكا (في
السودان) أن
الابقا ر
والاطفال
ينتمون للإله.
لذلك فإنهم
يحافظون
عليهم!
وتعيش
العديد من العشائر
والقبائل في
بيئاتها
الطبيعيّة
وتعتمد بشكل
كامل على
مواردها.
ويعتبر التعرّف
على الطبيعة
بشكل عميق
أمراً لازماً
للعيش.
"
إن عدّة آلاف
من أفراد قبيلة
كوهويلا من
الهنود الحمر
لم يستنزفوا
الموارد
الطبيعيّة
للمنطقة
الصحراوية
الواقعة في
جنوب
كليفورنيا
بينما لا توفّر
هذه المنطقة
الآن العيش إلاّ
لحفنة من
الاسر من
البيض
لايتجاوز
عددها أصابع
اليد الواحدة.........لأن
شعب قبيلة
كوهويلا ، كان
يعتمد، في هذه
المنطقة
القاحلة
تماماً، على
ما لا يقل عن 60
نوعاً من
النباتات
الصالحة للأكل
و28 نوعاً أخرى
من النباتات
التي تحتوي
على خصائص
مخدّرة أو
منشطة أو طبيّة".
(
د. ب. بارووس، نباتات
قبيلة
كوهويلا من
الهنود الحمر
الذين يعيشون
في جنوبي
كليفورنيا)
كان
لا بد لهذه
المعرفة
الواسعة أن
تنتقل للجيل
التالي. وهذا
هو السبب في
أن نجد خلايا
لتعليم مخطط
ونظامي، حتى
في الأطوار
المبكرة من تطوّر
المجتمع
البشري. وعلى
عكس الاعتقاد
الشائع فإن
التعليم في
المجتمع
العشائري
القديم كان
شاملاً بشكل
كامل، بمعنى
أن أيّ فرد من
الجماعة
يتعلّم كل ما
تعرفه
العشيرة.
كان
تعليم
العشيرة أو
القبيلة
تعليماً شاملاً،
عاماً
ومتوازناً،
يبدأ منذ سن
مبكّرة ويدار
دون عقوبات
بدنيّة.
"
بمجرد أن بدأت
أسير على
قدميّ أخذتني
أمي معها
للبحث عن
الطعام. وقد
عرّفتني على
شتى أنواع
الفواكه،
السامة منها والصالحة
للأكل أيضاً".
(ويسترمان،
أفريقيون
يتحدّثون عن
حياتهم)
يتذكر
الحصان –
النسر الابيض
في كتاب "نحن
الهنود" أنهم
في سن السابعة
كانوا
يستطيعون صنع
أقواسهم وسهامهم.
وكان من
المتعارف
عليه في أوساط
شعب كوبو
بسومطره أنه
ينبغي على
ألاطفال، حين
يبلغون سن
العاشرة، أن
يصنعوا
أكواخهم
الخاصة بهم
ويعيشوا فيها بشكل
مستقل عن
آبائهم
وأمهاتهم.
عبر
تريجيار في
دراسته
لإثنيّة
ماووري ( في نيوزيلنده)
عن دهشته لعدد
المهارات
التي يجب على
الفرد منهم أن
يتعلمها
ويحذقها،
فالفرد يكون
شاعراً
ومحارباً
وبحاراً
ومزارعاً وملمّاً
بأنواع
النبات
وبعلوم
الاحياء.
إن
من يوصفون
بـ"البدائيين"
هم الخضر
الاوائل!
فالبشر
مازالوا هم
البشر،
ومازالت
الموضوعات
التي
تتهدّدهم هي
الموضوعات
نفسها؛ لكن الاختلاف
لا يوجد الا
في الحجم فقط.
ويمكننا أن
نتعلّم من
علاقاتهم في
الرعاية والرحمة
بالطبيعة وأن
نتنبّه
لتحذير زعيم
سياتل عن دمار
بيئتنا:
"
أين الدغل؟
ذهب
أين
النسر؟ ذهب
انتهت
الحياة
بدأت
المعاناة".